فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن جزي:

سورة المطففين:
{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ}
التطفيف في اللغة هو البخس والنقص وفسره بذلك الزمخشري واختاره ابن عطية، وقيل: هو تجاوز الحد في زيادة أو نقصان واختاره ابن الفرس، وهو الأظهر لأن المراد به هنا بخس حقوق الناس في المكيال والميزان، بأن يزيد الإنسان على حقه أو ينقص من حق غيره، وسبب نزول السورة أنه كان بالمدينة رجل يقال له أبو جهينة له مكيالان يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص فالسورة على هذا مدنية، وقيل مكية لذكر أساطير الأولين، وقيل: نزل بعضها بمكة. ونزل أمر التطفيف بالمدينة؛ إذ كانوا أشد الناس فساداً في هذا المعنى فأصلحهم الله بهذه السورة {الذين إِذَا اكتالوا على الناس يستوفون} معنى اكتالوا على الناس قبضوا منهم بالكيل فعلى بمعنى من وإنما أبدلت منها لما تضمن الكلام من معنى التحامل عليهم، ويجوز أن يتعلق على الناس بيستوفون وقدم المفعول لإفادة التخصيص {وَإِذَا كالوهم أَوْ وزنوهم يخسرون} معنى {يخسرون} ينقصون حقوق الناس وهو من الخسارة، يقال: خسر الرجل وأخسره غيره إذا جعله يخسر، و{كالوهم} معناه: كالوا لهم {أَوْ وزنوهم} معناه وزنوا لهم، ثم حذف حرف الجرّ فانتصب المفعول لأن هذين الفعلين يتعدى كل واحد منهما تارة بنفسه وتارة بحرف الجرّ يقال: كلتك وكلت لك ووزنتك ووزنت لك بمعنى واحد. وحذف المفعول الثاني، وهو المكيل والموزون، والواو التي هي ضمير الفاعل للمطففين والهاء الذي هي ضمير المفعول للناس. فالمعنى إذا كالوا أو وزنوا لهم طعاماً أو غيره مما يكال أو يوزن يخسرونهم حقوقهم، وقيل: إن (هم) في {كالوهم أو وزنوهم} تأكيد للضمير الفاعل، ورُوي عن حمزة أنه كان يقف على {كالوا} و{وزنوا} ثم يبتدئ {هم} ليبين هذا المعنى، وهو ضعيف من وجهين.
أحدهما: أنه لم يثبت في المصحف ألف بعد الواو في كالوا ووزنوا فدلّ ذلك على أن هم ضمير المفعول.
والآخر أن المعنى على هذا أن المطففين إذا تولوا الكيل أو الوزن نقصوا، وليس ذلك بمقصود لأن الكلام واقع في الفعل لا في المباشر، ألا ترى أن اكتالوا على الناس معناه: قبضوا منهم و{كالوهم أو وزنوهم} معناه: دفعوا لهم. فقابل القبض بالدفع. وأما على هذا الوجه الضعيف فهو خروج عن المقصود، قال ابن عطية: ظاهر الآية أن الكيل والوزن على البائعين وليس ذلك بالجلي.
قال: صدر الآية في المشترين، فهم الذين يستوفون أو يشاحُّون ويطلبون الزيادة، وقوله: {وإذا كالوهم أو وزنوهم} في البائعين فهم الذين يخسرون المشتري.
{أَلا يَظُنُّ أولئك أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيوم عَظِيمٍ} يعني يوم القيامة، وهذا تهديد للمطففين وإنكار لفعلهم، وكان عبد الله بن عمر إذا مر بالبائع يقول له: اتق الله وأوف الكيل، فإن المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن {يوم يَقُومُ الناس لِرَبِّ العالمين} الظرف منصوب بقوله: {مبعوثون} وقيل: بفعل مضمر أو بدل من {ليوم عظيم}، وقيام الناس يوم القيامة على حسب اختلافهم، فمنهم من يقوم خمسين ألف سنة وأقل من ذلك حتى أن المؤمن يقوم على قدر الصلاة مكتوبة.
{كَلاَّ} ردع على التطفيف أو افتتاح كلام {إِنَّ كتاب الفجار لَفِي سجين} {كتاب الفجار} هو ما يكتب من أعمالهم، والفجار هنا يحتمل أن يريد به الكفار أو المطففين وإن كانوا مسلمين، والأول أظهر لقوله بعد هذا: {وَيْلٌ يومئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} و{سجين}: اسم علم منقول من صفة على وزن فعيل للمبالغة، وقد عظم أمره بقوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سجين}، ثم فسره بأنه: {كتاب مرقوم} أي مسطور بين الكتابين وهو كتاب جامع يكتب فيه أعمال الشياطين والكفار، والفجار وهو مشتق من السجن بمعنى الحبس، لأنه سبب الحبس والتضييق، في جهنم ولأنه في مكان الهوان والعذاب كالسجن، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في الأرض السفلى، وروُي عنه أنه في بئر هناك، وحكى كعب عن التوراة أنه في شجرة سوداء هنالك، وقال ابن عطية: يحتمل أن يكون معنى الآية أن عدد الفجار في سجين أي كتبوا هنالك في الأزل.
{أَسَاطِيرُ الأولين} قد ذكر {بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} أي غطى على قلوبهم ما كسبوا من الذنوب، فطمس بصائرهم فصاروا لا يعرفون الرشد من الغي، وفي الحديث: «إن العبد إذا أذنب ذنباً صارت نكتة سوداء في قلبه فإذا زاد ذنب آخر زاد السواد فلا يزال كذلك حتى يتغطى وهو الران».
{لَّمَحْجُوبُونَ} حُجب الكفار عن الله، على أن المؤمنين لا يُحجبون وقد استدل بها مالك والشافعي على صحة رؤية المؤمن لله في الآخرة، وتأويلها المعتزلة أن معناها محجوبون عن رحمته.
{كَلاَّ إِنَّ كتاب الأبرار لَفِي عِلِّيِّينَ} {عليَّون} اسم علم للكتاب الذي تكتب فيه الحسنات، وهذا جمع منقول من صفة على، على وزن فعيل للمبالغة وقد عظمه بقوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} ثم فسره بقوله: {كتاب مرقوم} وهو مشتق من العلوّ لأنه سبب في ارتفاع الدرجات في الجنة، أو لأنه مرفوع في مكان على، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تحت العرش، وقال ابن عباس: هو الجنة وارتفع كتاب مرقوم في الموضعين على أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره هو كتاب، وقال ابن عطية: {كتاب مرقوم} خبر إن والظرف ملغى. وهذا تكليف يفسد به المعنى، وقد روي في الأثر ما روي في الآية وهو أن الملائكة تصعد بصحيفة فيها عمل العبد فإن رضيه الله قال اجعلوه في عليين، وإن لم يرضه قال اجعلوه في سجين {يَشْهَدُهُ المقربون} يعني الملائكة المقربين.
{الأرآئك} قد ذكر {يَنظُرُونَ} روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ينظرون إلى أعدائهم في النار»، وقيل: ينظرون إلى الجنة وما أعطاهم الله فيها {نَضْرَةَ النعيم} أي بهجته ورونقه، كما يرى في وجوه أهل الرفاهية العافية والخطاب في: {تَعْرِفُ} للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل مخاطب من غير تعيين.
{يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ} الرحق الخمر الصافية، والمختوم فسره الله بأن ختامه مسك، وقرئ {ختامه} بألف بعد التاء، و{خاتمه} بألف بعد الخاء وبفتح التاء وكسرها وفي معناه ثلاثة أقوال: أحدها أنه من الختم على الشيء، بمعنى جعل الطابع عليه، فالمعنى أنه ختم على فم الإناء الذي هو فيه بالمسك، كما يختم على أفواه آنية الدنيا بالطين إذا قصد حفظها، وصيانتها، الثاني أنه من ختم الشيء أي تمامه، فمعناه: خاتم شربه مسك أي يجد الشارب عند آخر شربه رائحة المسك ولذته الثالث أن معناه مزاجه مسك أي مزج الشراب بالمسك، وهذا خارج عن اشتقاق اللفظ {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المتنافسون} التنافس في الشيء هو الرغبة فيه، والمغالاة في طلبه والتزاحم عليه {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ} تسنيم اسم لعين في الجنة، يشرب منها المقربون صرفاً ويمزج منه الرحيق الذي يشرب منه الأبرار، فدل ذلك على أن درجة المقربين فوق درجة الأبرار، فالمقربون هم السابقون والأبرار هم أصحاب اليمين {عَيْناً} منصوب على المدح بفعل مضمر، أو على الحال من {تسنيم} {يَشْرَبُ بِهَا} بمعنى يشربها فالباء زائدة ويحتمل أن يكون بمعنى يشرب منها أو كقولك شربت الماء بالعسل.
{إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الذين آمَنُواْ يَضْحَكُونَ} نزلت هذه الآية في صناديد قريش، كأبي جهل وغيره، مر بهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجماعة من المؤمنين، فضحكوا منهم واستخفوا بهم {وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} أي يغمز بعضهم إلى بعض ويشير بعينيه، والضمير في {مروا} يحتمل أن يكون للمؤمنين أو للكفار، والضمير في {يتغامزون} للكفار لا غير {فكهين} من الفكاهة وهي اللهو، أي يتفكرون بذكر المؤمنين، والاستخفاف بهم قاله الزمخشري. ويحتمل أن يريد يتفكهون بنعيم الدنيا {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قالوا إِنَّ هؤلاء لَضَالُّونَ} أي إذا رأى الكفار المؤمنين نسبوهم إلى الضلال، وقيل: إذا رأى المؤمنون الكفار نسبوهم إلى الضلال والأول أظهر وأشهر {وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} أي ما أرسل الكفار حافظين على المؤمنين، يحفظون أعمالهم ويشهدون برشدهم أو ضلالهم، وكأنه قال: كلامهم بالمؤمنين فضول منهم {فاليوم الذين آمَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ} يعني باليوم يوم القيامة إذ قد تقدم ذكره، فيضحك المؤمنون فيه من الكفار، كما ضحك الكفار منهم في الدنيا {هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} معنى ثوب جوزي، يقال: ثوبه وأثابه إذا جازاه. وهذه الجملة يحتمل أن تكون متصلة بما قبلها في موضع مفعول ينظرون، فتوصل مع ما قبلها أو تكون توقيفاً فيوقف قبلها ويكون معمول {ينظرون} محذوفاً حسبما ذكرنا في {ينظرون} الذي قبل هذا وهذا أرجح لاتفاق الموضعين. اهـ.

.قال البيضاوي:

سورة المطففين:
مختلف فيها.
وآيها ست وثلاثون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ}
التطفيف البخس في الكيل والوزن لأن ما يبخس طفيف أي حقير.
روي أن أهل المدينة كانوا أخبث الناس كيلاً فنزلت فأحسنوه، وفي الحديث: «خمس بخمس ما نقض العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر»
{الذين إِذَا اكتالوا على الناس يستوفون} أي إذا اكتالوا من الناس حقوقهم يأخذونها وافية، وإنما أبدل {على} بمن للدلالة على أن اكتيالهم لما لهم على الناس، أو اكتيال يتحامل فيه عليهم.
{وَإِذَا كالوهم أَوْ وزنوهم} أي إذا كالوا الناس أو وزنوا لهم.
{يخسرون} فحذف الجار وأوصل الفعل كقوله:
وَلَقَد جَنَيْتُكَ أَكمؤاً وَعَسَاقلا

بمعنى جنيت لك أو كالوا مكيلهم فحذف المضاف وأقيم المضاف مقامه، ولا يحسن جعل المنفصل تأكيداً للمتصل فإنه يخرج الكلام عن مقابلة ما قبله إذ المقصود بيان اختلاف حالهم في الأخذ والدفع، لا في المباشرة وعدمها ويستدعي إثبات الألف بعد الواو كما هو خط المصحف في نظائره.
{أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ} فإن من ظن ذلك لم يتجاسر على أمثال هذه القبائح، فكيف بمن تيقنه وفيه انكار وتعجيب من حالهم.
{لِيوم عَظِيمٍ} عظمه لعظم ما يكون فيه {يوم يَقُومُ الناس} نصب بـ: {مبعوثون} أو بدل من الجار والمجرور ويؤيده القراءة بالجر {لِرَبّ العالمين} لحكمه.
وفي هذا الانكار والتعجيب وذكر الظن ووصف اليوم بالعظم، وقيام الناس فيه لله، والتعبير عنه برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه.
{كَلاَّ} ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث والحساب.
{إِنَّ كتاب الفجار} ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم.
{لَفِي سجين} كتاب جامع لأعمال الفجرة من الثقلين كما قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سجين كتاب مرقوم} أي مسطور بين الكتابة أو معلم بعلم من رآه أنه لا خير فيه، فعيل من السجن لقب به الكتاب لأنه سبب الحبس، أو لأنه مطروح كما قيل: تحت الأرضين في مكان وحش، وقيل هو اسم مكان والتقدير ما كتاب السجين، أو محل {كتاب مرقوم} فحذف المضاف.
{وَيْلٌ يومئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ} بالحق أو بذلك.
{الذين يُكَذّبُونَ بِيوم الدين} صفة مخصصة أو موضحة أو ذامة.
{وَمَا يُكَذّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ} متجاوز عن النظر غال في التقليد حتى استقصر قدرة الله تعالى وعلمه فاستحال منه الإِعادة.
{أَثِيمٍ} منهمك في الشهوات المخدجة بحيث أشغلته عما وراءها وحملته على الإتقان لما عداه.
{إِذَا تتلى عَلَيْهِ ءاياتنا قال أساطير الأولين} من فرط جهله وإعراضه عن الحق فلا تنفعه شواهد النقل كما لم تنفعه دالائل العقل.
{كَلاَّ} ردع عن هذا القول.
{بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} رد لما قالوه وبيان لما أدى بهم إلى هذا القول، بأن غلب عليهم حب المعاصي بالانهماك فيها حتى صار ذلك صدأ على قلوبهم فعمي عليهم معرفة الحق والباطل. فإن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات كما قال عليه الصلاة والسلام «إن العبد كلما أذنب ذنباً حصل في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه» والرين الصدأ.
وقرأ حفص {بَلْ رَانَ} بإظهار اللام.
{كَلاَّ} ردع عن الكسب الرائن.
{إِنَّهُمْ عَن رَّبّهِمْ يومئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} فلا يرونه بخلاف المؤمنين ومن أنكر الرؤية جعله تمثيلاً لإِهانتهم بإهانة من يمنع عن الدخول على الملوك، أو قدر مضافاً مثل رحمة ربهم، أو قرب ربهم.
{ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ الجحيم} ليدخلون النار ويصلون بها.
{ثُمَّ يُقال هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ} تقوله لهم الزبانية.
{كَلاَّ} تكرير ليعقب بوعد الأبرار كما عقب الأول بوعيد الفجار إشعاراً بأن التطفيف فجور والإيفاء بر، أو ردع عن التكذيب.
{إِنَّ كتاب الأبرار لَفِى عِلّيّينَ}.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلّيُّونَ كتاب مرقوم} الكلام فيه ما مر في نظيره.
{يَشْهَدُهُ المقربون} يحضرونه فيحفظونه، أو يشهدون على ما فيه يوم القيامة.
{إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ على الأرائك} على الأسرة في الحجال.
{يَنظَرُونَ} إلى ما يسرده من النعم والمتفرجات.
{تَعْرِفُ في وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم} بهجة التنعم وبريقه.
وقرأ يعقوب {تُعْرِفُ}على البناء للمفعول و{نَضْرَةُ} بالرفع.
{يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ} شراب خالص.
{مَّخْتُومٍ ختامه مسك} أي مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين، ولعله تمثيل لنفاسته، أو الذي له ختام أي مقطع هو رائحة المسك.
وقرأ الكسائي {خَاتِمَة} بفتح التاء أي ما يختم به ويقطع.
{وَفِى ذَلِكَ} يعني الرحيق أو النعيم.
{فَلْيَتَنَافَسِ المتنافسون} فليرتغب المرتغبون.
{وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ} علم لعين بعينها سميت تسنيماً لارتفاع مكانها أو رفعة شرابها.
{عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا المقربون} فإنهم يشربونها صرفاً لأنهم لم يشتغلوا بغير الله، وتمزج لسائر أهل الجنة وانتصاب {عَيْناً} على المدح أو الحال {مِن تَسْنِيمٍ} والكلام في الباء كما في {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله} {إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ} يعني رؤساء قريش.
{كَانُواْ مِنَ الذين ءامَنُواْ يَضْحَكُونَ} كانوا يستهزئون بفقراء المؤمنين.
{وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} يغمز بعضهم بعضاً ويشيرون بأعينهم.
{وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ انقلبوا فاكهين} متلذذين بالسخرية منهم.
وقرأ حفص {فكهين}.
{وَإِذَا رَأَوْهُمْ قالواْ إِنَّ هَؤُلاَء لَضَالُّونَ} وإذا رأوا المؤمنين نسبوهم إلى الضلال.
{وَمَا أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ} على المؤمنين.
{حافظين} يحفظون عليهم أعمالهم ويشهدون برشدهم وضلالهم.
{فاليوم الذين ءَامَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ} حين يرونهم أذلاء مغلوبين في النار. وقيل يفتح لهم باب إلى الجنة فيقال لهم اخرجوا إليها، فَإِذَا وصلوا أغلق دونهم فيضحك المؤمنون منهم.
{على الأرائك يَنظُرُونَ} حال من {يَضْحَكُونَ}.
{هَلْ ثُوّبَ الكفار} أي هل أثيبوا.
{مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} وقرأ حمزة والكسائي بادغام اللام في الثاء.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة المطففين سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة». اهـ.